
العصر الجديد
الثلاثاء, 30 يناير, 2007
خليل الخوري تناساه الناس كما تناسوا سواه من السّلف الصالح. إنه الشاعر ابو الجريدة العربية الأهلية.
ولد في الشويفات عام 1836 وتلقى العلوم في مدارس زمانه ثم على أساتذة خصوصيين. قال الشعر فكان طريقه إلى أبواب الولاة، فمكنوه من إصدار أول صحيفة عربية هي "حديقة الأخبار"، ثم أحدث إلى جانبها مطبعة تطبعها سماها المطبعة السورية.
وفي خطابه "آداب العرب" الذي ألقاه أمام الجمعية السورية أشاد المعلم بطرس البستاني (في الخامس عشر من شباط 1859) بذكر خليل الخوري ودلّ على فضله الأسبق في حقليّ الصحافة والشعر.
لم يبرز الخوري في النثر لأنه لم ينصرف إليه، فهو شاعر أولاً، بل لا يعنيه إلا الشعر الذي كان سُلمه إلى المناصب، وكان أول من افرغ الشعر القديم في قالب جديد. أمدّه في ذلك خياله الخصب فخلق صوراً رائعة ثم ظلّ ذلك السراج الوهاج يرسل نوره حتى انطفأ في 1907.
في ديوانه "العصر الجديد"، قال خليل الخوري قصائد طريفة في مواضيع مستقلة، في قصيدة "زيارة الدجى" ينادي حبيبته ويظهر أن بيت هذه الفاتنة الحسناء كان على سيف البحر، فأغراها بتلك الليلة الحلوة:
فاصغي به لحنين البحر منتحباً
كأنه يشتكي بيناً يروّعه
والشط مدّ ذراعيه على ظمأ
يعانق البحر والامواج تصفعه
تلقى على صخره الفضي موجته
وتنثني بعدما بالقرب تطمعه
كغادة صادفت محبوبها فغدت
تدنو اليه دلالاً ثم تمنعه
امتدح بطرس البستاني المعلم، ديوان الخوري "العصر الجديد" كان الشعر قبل الخوري إما حكمة وإما زهداً، واكثره كان مديحاً ورثاء. لم يترك الخوري المديح لكنه كان رائد الجديد الأول في إبداعه. طرب البستاني الأول لصدور جريدة خليل الخوري "حديقة الأخبار" فقال في خطبته الشهيرة إن الجرنالات من أكبر الوسائط لتمدن الجمهور وازدياد عدد القراء إذا استعملت على حقها، ومطبعتها السورية هي أول مطبعة عربية خصت بالجرنالات وإن "اتعاب مالكها ومديرها خليل أفندي الخوري تكلل بالنجاح، وكأني به واقف على شاطئ البحر الكبير الفاصل بين العالم القديم والعالم الجديد، قيل إن المنصور عندما مات ابنه طلب من ينشده "أمن المنون وريبها تتوجع، فلم يجد في حاشيته من يعرفها فقال إن مصيبتي بابني اهون.
محمود شريح
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق