أراد أن يكون مكان المقابلة تحت التينة التي شنق نفسه بها، ربما ليبرهن عن حسن نيته، وان فعلته لا تعتبر خيانة. فهو لم يستفد من الثلاثين فضةً حتى ليبني ولو كوخاً حقيراً له، ويدعي أنه فعلها لأجل المبادئ:
أنا: خلال اسبوعين وانت شاغل الطوائف المسيحية والعالم كله، نسي العالم اسماء تلامذة يسوع الأطهار ولعل اسمك كالرابح في برنامج "سوبر ستار".
يوضاس: وحده يسوع يعرف اني أحببته واني نادم وسأحمل جريمتي في ضميري طوال عمري حتى ولو غفر لي فعلتي. الآخرون لم يحبّوه أكثر مني. بعضهم بتردد. أنا منحته حبي كاملاً لقناعتين فيّ، الاولى ايماني به مخلّصاً مرسلاً من الآب، وثانياً لايماني به قائداً ثائراً سيخلصنا من الرومان. سامحه الله! فقد صعقني عندما قال ان مملكته ليست من هذا العالم. وأنا انسان لست قديساً مرسلاً ولا نبياً. يهمّني العالم الذي أعيش فيه ثم السماء اذا كنت استحقها.
أنا: لكنك خسرت الاثنين معاً من أجل ثلاثين من الفضة.
يوضاس (مقاطعاً بشيء من الغضب): ثلاثون من الفضة تهمة ضخّمها بعض المنتفعين من المعلم (وهنا هممت بفك شريط حذائي فظن يوضاس أني أنوي ضربه بالحذاء لأصبح بطلاً قومياً كالسيد الزيدي العراقي، لكني طمأنته الى ان ما أفعله هو خاص بي فعلاً. وشرحت له اني منذ تعثر أحوال الوطن وانا فيه صرت أفضل أحذية أصغر من مقياس رجلي لأقوم بين الحين والآخر بشلح حذائي واقول كلمة خاي وهي كلمة نسيتها منذ مدة. هنا ابتسم يوضاس وهنأني على هذه الوسيلة السهلة التي تفيد صاحبها ولا تؤذي أحداً.
أنا: كنت أتمنى لو أهنئك على شيء ولكني لم أجد ما اهنئك عليه، واسمح لي أن اسأل سؤالاً أخيراً، وأعذر بهلنتي: لقد احتفل المسيحيون مرتين بذكرى صلب يسوع، فهل أنت كنت الخائن في المناسبتين ام لك أخ توأم قام بالمهمة عنك؟
يوضاس (باعتزاز بعض بهاليل السياسة اللبنانية): لاه، أنا كنت بطل المناسبتين.
أنا: مسيو يوضاس، اسمح لي ان أصارحك: أنت حمار ابن حمار. لماذا لم تفعل كما يفعل بعض من يلتزم مشاريع إنمائية من الدولة فيلتزم المشروع بمليون دولار ويعود فيجيّره الى آخر بخمسين ألف دولار. كان في إمكانك أن تلزّم لغيرك مشروع خيانة يسوع بخمس عشرة فضية، فكنت ربحت 15 فضية من دون كل هذه البهدلة. نقطة عالسطر.
يتساءل عبدالله لو لم يكن زمن يوضاس قبل ألفي سنة بل في زمننا اليوم، أما كان لُقّب بالبطل الوطني، هو الذي يأتي بدرجة "معتّر كبير" اذا ما قيس بيوضاسات اليوم الذين يخونون أوطانهم ومبادئهم وبني قومهم؟
حمار يوضاس، لو أجّل مجيئه الى اليوم لكان زمط بريشه ¶
ريمون جبارة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق